[ad_1]

عمان- أثار مشروع قانون للجرائم الإلكترونية تمت إحالته من مجلس الوزراء في الأردن إلى مجلس النواب جدلا واسعًا على المستويات الحقوقية والسياسية والبرلمانية، مع تساؤلات عن تأثيره على عمل الصحفيين والمؤسسات الإعلامية.

وتعددت المواقف بين من يرى أن القانون جاء لحماية مصالح المجتمع من آثار الجرائم الإلكترونية بأشكالها المختلفة، ومن يعتقد أن فيه تكميمًا للأفواه وحرية التعبير وتحصينًا للحكومات من الانتقاد المجتمعي، عبر تغليظ العقوبات بشكل مبالغ.

تغليظ العقوبات

ويتضمن مشروع القانون 41 مادة، منها التهديد والابتزاز والتلاعب بالبيانات من دون تصريح، وكذلك انتحال الشخصية والذم والقدح والتحقير ونشر الإشاعات وتشويه السمعة واغتيال الشخصية، وغيرها من المواد التي يعتبرها قانون العقوبات الأردني جرائم، كما يأتي هذا القانون للتعامل مع العالم الافتراضي والرقمي لتشابه الفعل واختلاف الأسلوب.

ويعبر النائب في مجلس النواب ينال فريحات عن خشية كبيرة من أن يكون القصد من القانون تكميم الأفواه والحد من حرية التعبير والرأي للمواطنين خاصة، وأن السلطات ضاقت ذرعا من الانتقادات التي توجه لها عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى أن القانون منح النيابة العامة إمكانية تحريك دعاوى قضائية ضد المواطنين من دون وجود شكوى شخصية.

ويشير فريحات -في حديث للجزيرة نت- إلى تغليظ مُبالغ فيه للعقوبات، وهو ما عدّه رسالة تخويف للمواطنين من التعبير عن رأيهم، خاصة في المواد 15 و16 المتعلقة بمسائل الذم والقدح والتحقير واغتيال الشخصية، حيث تصل الغرامة إلى 50 ألف دينار، وهي مواد تحمل تعريفات فضفاضة غير واضحة من الممكن أن يلصق فيها الكثير من الآراء التي تأتي في إطار النقد العام للسلطات.

ويقارن النائب فريحات بين عقوبة إهانة الشعور الديني في قانون العقوبات وغرامتها 20 دينارا أردنيا بينما تصل غرامة الذم والقدح في قانون الجرائم الإلكترونية إلى 20 ألف دينار، وهو فرق كبير يثير التساؤل حول الهدف من هذه المبالغة، حسب الفريحات، مستغربا من نصوص أخرى تحاسب الشخص على تعليقات الآخرين على منشوره.

الوزير الهناندة _ القانون يسعى لحماية المجتمع المصدر: حساب وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة @MoDEEJO على تويتر
الوزير الهناندة: مشروع القانون الجديد يسعى لحماية المجتمع ولا يجب ربطه بالحريات (مواقع التواصل)

“حماية للمجتمع”

في المقابل، قال وزير الاقتصاد الرقمي والريادة أحمد الهناندة إنه لا توجد أية مادة في القانون الجديد تحدّ من الحريات، مشيرًا أن مواد القانون تتعامل مع الجرائم الإلكترونية وما يندرج تحتها، ولا يستند ربطها بالحريات إلى أي من نصوص القانون.

وأضاف أنه يؤخذ بعين الاعتبار سرعة نمو العالم الرقمي واستخداماته في مجالات متعددة وازدياد الاعتماد على الإنترنت بشكل كبير في وضع هذا القانون، وكذلك التوجه العالمي نحو مستقبل رقمي، وما يعرف بـ”المواطن الرقمي”.

ووفق الوزير، فإن تغليظ العقوبة يأتي على حسب الضرر الواقع بسبب الجرائم الإلكترونية، وهو في تزايد مستمر سواء للأفراد أو المؤسسات أو المجتمع، مبينا أنه في كثير من القضايا تصل العقوبة في الجرائم التقليدية للسجن إلى عدة سنوات و”ليس هناك فارق بين سرقة منزل أو شركة وبين سرقة بيانات والتلاعب بها بقصد الضرر”.

القانون وحرية الصحافة

يقول الخبير في قوانين الإعلام يحيى شقير إن مشروع القانون الجديد سيفرض صمتا على الصحفيين والإعلاميين ونشطاء حقوق الإنسان في الأردن، مشيرا إلى أن “خطأ إنسانيا” لصحفي في معلومة غير دقيقة قد تكلّفه حياته المهنية بسبب العقوبات المالية الكبيرة التي تضاعف بعضها 50 مرة.

ولفت شقير -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن “العبارات المطاطية” في القانون كالأخبار الكاذبة والزائفة واغتيال الشخصية من شأنها التوسع في التجريم وزيادة الرقابة الذاتية عند كل من يعمل في الكتابة والنشر بالشؤون العامة من الصحفيين، مشيرا إلى أن مرور القانون سيؤدي إلى تراجع ترتيب الأردن في مجال الحريات والصحافة.

من جهته، قال الوزير الهناندة -ردا على سؤال الجزيرة نت حول أثر القانون على حرية الصحافة- إن القانون لا يسلب أيا من الحقوق المكتسبة والحماية التي تكفلها قوانين الإعلام والنشر في الأردن، ولكن الصحفي على صفحته الخاصة يعامَل معاملة المواطن، أما من خلال القنوات المرخصة سواء كانت منصات إخبارية أو قنوات تلفزيونية وإذاعية أو صحفا مطبوعة؛ فيخضع فيها لقانوني “المطبوعات” و”المرئي والمسموع”.

وكان مجلس نقابة الصحفيين أصدر بيانا دعا فيه إلى إعادة النظر في بعض النصوص والمواد الواردة في مشروع القانون، وضبط المصطلحات والألفاظ العامة، والحد من العقوبات، مشددا على عدم المساس بحرية الإعلام والصحافة، ودعا إلى إشراك الجميع في النقاش حول القانون بما يضمن تعظيم حالة الحريات العامة.

توقيف المشتكى عليه

يقول شقير إن نص القانون يجيز توقيف المشتكى عليه ولو كان الحكم القضائي لاحقا بعدم المسؤولية أو البراءة. وهو ما علق عليه الهناندة بأنه عندما يتقدم شخص بشكوى فالقرار بالتوقيف أو عدمه يعود للنيابة العامة بناء على البيانات المقدمة.

ويضيف أن هذه إجراءات قضائية وقانونية يتم التعامل معها بالطريقة نفسها السارية وفق قانون العقوبات، مشيرا إلى أن حق التقاضي مكفول للجميع، وكذلك حق المطالبة بالتعويض أو رد الاعتبار، والعقوبات لا تفرض إلا في حال ثبوت الجريمة.

“دولة مش سجن”

وكانت مجموعة من الناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي أطلقت حملة تحت وسم “دولة مش سجن”؛ اعتراضا على القانون الجديد، وطالبت مجلس النواب والجهات المعنية برد القانون وإشراك فئات المجتمع في مناقشته والخروج بصيغة تمنع التعرض للحريات العامة.



[ad_2]

Source link