شبح الركود الاقتصادي.. كيف يؤثر على الأوضاع المعيشية؟



ذلك فضلاً عن المتغيرات الحادة بسوق العمل مع موجة “التقليص” المستمرة، وفي خطٍ متوازٍ مع ضعف فرص الحصول على التمويل، بخلاف الأزمات التي تواجهها قطاعات رئيسية مثل القطاع العقاري وغيره من القطاعات.

وبحسب أحدث التقارير الصادرة عن البنك الدولي، فإن النمو العالمي تباطأ بشكل حاد، وتزايد خطر الإجهاد المالي في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية وسط ارتفاع أسعار الفائدة العالمية.وفقًا لأحدث تقرير عن الآفاق الاقتصادية العالمية للبنك الدولي .

  • من المتوقع أن يتباطأ النمو العالمي من 3.1 بالمئة في 2022 إلى 2.1 بالمئة في 2023.
  • في بلدان الأسواق الصاعدة والبلدان النامية بخلاف الصين، من المتوقع أن يتباطأ النمو إلى 2.9 بالمئة هذا العام من 4.1 بالمئة العام الماضي.

شبح الركود لا يزال يلوح في الأفق

في مثل تلك الأجواء “الخانقة”، وبينما حالة من “عدم اليقين” تُسيطر على الاقتصاد العالمي، فما الذي يُمكن أن يفعله الناس لتجنب أكبر قدر من آثار أي ركود محتمل لا يزال يلوح في الأفق، سواء كان ركوداً معتدلاً أو ركوداً حاداً؟

بطبيعة الحال، تختلف الإجابة من حيث طبيعة الوضع الاقتصادي الخاص بكل بلد، لكن بشكل عام عادة ما يُنصح بمجموعة من إجراءات التحوط العامة في مواجهة أي من السيناريوهات المرتبطة بشبح الركود الاقتصادي.

الاستاذ بجامعة ماساتشوستس في لويل، المتخصص في التخطيط الاستراتيجي وتطوير الأعمال التجارية، سكوت لاثام، يقدم مجموعة من الأفكار العامة حول الركود الاقتصادي وكيف يؤثر في حياة الناس، كما يقدم مجموعة من النصائح الموصى بها للتعامل أثناء فترات الركود بالنسبة للأفراد والمؤسسات، ويتحدث عن المشهد في أميركا كأكبر اقتصاد في العالم وكيف يبدو في ضوء هذه المهددات:

  • الأشخاص بحاجة إلى أن يدركوا أن تباطؤ الاقتصاد محتمل، بما لذلك من تداعيات مباشرة عليهم.
  • التوازن في سوق العمل من المرجح أن ينتقل من الموظف إلى صالح صاحب العمل، أو على الأقل يعود إلى التوازن، وبما يؤثر بشكل كبير ومباشر على الأعمال.
  • يجب أن يكون الناس أذكياء في اتخاذ قراراتهم المهنية (التمسك بالعمل قدر الإمكان).
  • للأسف، مع زيادة أسعار الفائدة، ستكون هناك عوامل عديدة مثل أسعار السكن وأسعار الرهن العقاري “خارج السيطرة”.
  • يجب أن يبدأ الأشخاص في تطوير المهارات نحو التكنولوجيا الجديدة الناشئة.
  • عادةً ما تحدث زيادة كبيرة في النشاط الاقتصادي بعد الركود.. “كن مستعداً وامتلك مهارات قابلة للتسويق”.

تضارب المؤشرات الاقتصادية

وفي ضوء تضارب المؤشرات الاقتصادية حول ما إذا كان سيكون هناك ركود أم لا في المستقبل القريب، يقول لاثام: “بالنظر إلى التوقعات الاقتصادية الأخيرة في الولايات المتحدة فأنا لا أميل إلى القول بأن الركود محتمل هنا، ومع ذلك، فإنني أدرك أن المناطق الأخرى، مثل وسط أوروبا وشمال إفريقيا وجنوب شرق آسيا، من المرجح أن تشهد انكماشاً اقتصادياً”.

والتعريف الفني للركود يشير إلى أنه يعني انكماشاً للنشاط الاقتصادي لفترة مستدامة، عادة ما تصل إلى ربعين متتاليين.

لكن الأكاديمي الأميركي يلفت في الوقت نفسه إلى “عدم استقرار الاقتصاد في الوقت الحالي”، وبما يقود إلى صعوبة تحديد جزء محدد من الاقتصاد يكون في حالة توازن. ويشبه الاقتصاد الأميركي في الوقت الراهن بكرة ثلجية يتم هزّها، حيث يتطاير الثلج، ومن ثم يستقر.

ويوضح بشكل عام أنه في ضوء تلك الأوضاع، فإن ثقة المستهلكين واستثمار الشركات وخلق فرص العمل ليست فقط في حالة تقلب وتغير، بل هي في حالة تناقض، مما يعني أن هذه العناصر تتصارع وتتناحر. ومن ثم يشير إلى صعوبة فهم الدلائل الاقتصادية الحالية وقراءتها بشكل صحيح.

ومن هنا، يلفت الأكاديمي الأميركي، إلى أن:

  • الركود الاقتصادي يتأسس على أساس هيكلي، أي أن هناك مشكلة في الاقتصاد الأساسي تؤدي إلى تفاقم الوضع بسبب عدم اليقين.
  • من الأمثلة على ذلك: الركود الاقتصادي الكبير الذي تسببت فيه آليات سوق العقارات المضاربة، والركود الذي تعرضت له شركات تكنولوجيا (في أوائل القرن الحادي والعشرين) بسبب النماذج الأعمال المضاربة في هذا القطاع.
  • في الحالتين، كانت هنالك أساسيات اقتصادية سلبية، مما يجعل الوضع غير مستقر، وبعد ذلك يدخل العامل البشري بشكل غير منطقي ويزيد من حالة الهلع وعدم اليقين في الاقتصاد.
  • بشكل عام، يتضافر هذان العاملان – الأساسيات السلبية والسلوك البشري غير المنطقي – في إثارة الركود الاقتصادي.
    مهددات الركود.. كان يمكن تجنبها

أما بخصوص الوضع الراهن، فيلفت إلى أن مهددات الركود الاقتصادي الحالي قد كان من الممكن تجنبها لو تم اتخاذ إجراءات مختلفة، مشدداً على أن حجم التحفيز الاقتصادي الذي تم تنفيذه بسبب جائحة كورونا (وهو الحال بالنسبة لكثير من الحكومات حول العالم ضمن الإجراءات المتخذة لحماية الاقتصاد أثناء الجائحة)، بالإضافة إلى سياسة الفائدة المنخفضة التي اتبعها البنك المركزي الأميركي في العقد الماضي، أسهم ذلك في زيادة التضخم في الولايات المتحدة. ومع رفع أسعار الفائدة حالياً وتوقعات زيادات مستقبلية، فإن المؤسسات والشركات تشعر بالقلق وتبدأ في تقليل استثماراتها في المعدات والعمالة وغيرهما.

وفيما يخص الحالة الأميركية، فإن الاستاذ بجامعة ماساتشوستس في لويل يلقي بعض اللوم أيضاً على الإدارة الأميركية الحالية بقيادة جو بايدن؛ ذلك أنها ضخت كمية كبيرة من الأموال في الاقتصاد ولم تأخذ بنصائح الاقتصاديين الذين حذروها من ذلك. ويرى أن هذه السياسات النقدية والمالية الكبيرة قد تكون أسهمت في زيادة التضخم وزيادة التقلبات في السوق.

ويتابع: الاقتصاد الأميركي كان مدمناً على الأموال الرخيصة (في إشارة لأسعار الفائدة المنخفضة) لم يكن مستداماً.. أنا مندهش من أننا وصلنا إلى هذا الحد دون أن نشعر ببعض الألم.. ثم ضربت جائحة كورونا العالم، وها نحن هنا الآن في حالة عدم التوازن، وهذه كانت جائحة تحدث مرة واحدة في العمر، لكننا كنا سنكون في حالة أفضل إذا كنا رفعنا أسعار الفائدة في العقد الماضي.

  • الثلاثاء الماضي، قلل بنك “غولدمان ساكس” في مذكرة بحثية، من احتمالية أن تدخل واشنطن في حالة ركود خلال العام المقبل، وقال إن تلك الاحتماليات “صارت أقل من التوقعات”، لا سيما بعد إقرار رفع سقف الدين.
  • لكنّ على الجانب الآخر، كانت “بلومبيرغ” قد نقلت عن الرئيس التنفيذي لشركة “جي بي مورغان” جيمي ديمون، الأسبوع الماضي، تحذيره من ما وصفه بـ “الخطر الاقتصادي الكبير الذي يلوح في الأفق” وأشار إلى أنه بالنظر إلى تلك المخاطر “سأقبل الركود المعتدل بسعادة”.

تأثير الركود على حياة الناس

وتبعاً لاحتماليات الركود التي تخيم على المشهد، يتحدث الاستاذ بجامعة ماساتشوستس في لويل ، في معرض تصريحاته لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، عن تأثير تلك الأوضاع والظروف الاقتصادية على المواطن العادي، بقوله:

  • الأشخاص من ذوي الدخول المتوسطة والمحدودة سيشعرون بتأثير الركود الاقتصادي بشكل أكبر من أولئك الذين يمتلكون دخلاً أعلى.
  • سيكون الأثر الأكبر حول فرص العمل؛ إذ ستضيق سوق العمل في الأشهر المقبلة، وسوف تبدأ الأجور في الانخفاض، ما يجعل الوضع الاقتصادي الشخصي لهؤلاء الأشخاص أكثر صعوبة.
  • هناك دلائل تبدأ في الظهور على تقليص الوظائف وحدوث تسريحات جماعية.
  • بعض المناطق الجغرافية ستتأثر بشكل أكبر من غيرها.

وفيما يخص تأثر بعض المناطق، يستدل بمثال من الولايات المتحدة الأميركية، حيث بوسطن التي تمتلك اقتصاداً متنوعاً يعتمد على قطاعات مختلفة مثل الخدمات المالية والرعاية الصحية وعلوم الحياة والتكنولوجيا، قد يكون الأثر فيها أقل بالمقارنة مع ولاية ميشيغان التي تعتمد بشكل كبير على الصناعات المرتبطة بالمنتجات الاستهلاكية وصناعة السيارات.

وأمام هذه المعطيات، وبينما لا يعرف الاستاذ بجامعة ماساتشوستس في لويل، المتخصص في التخطيط الاستراتيجي وتطوير الأعمال التجارية، تحديدا ما إذا كان الاقتصاد الأميركي يتجه نحو ركود اقتصادي أم لا، فإنه يعبر عن رغبته في أن يكون متفائلاً، وبعد فترة صعبة في السنوات الأخيرة، لا يرغب في حدوث ركود اقتصادي ولا حتى فترة من التضخم المتوازن.. ويعتقد بأن:

  • هناك انفجار هائل قادم في مجالات الابتكار، مثل علوم الحياة والذكاء الاصطناعي والروبوتات وتكنولوجيا المعلومات، وهذا سيدفع النمو الاقتصادي.
  • ومع ذلك، هناك عوامل تعمل ضد هذا النمو، مثل التوترات السياسية وتداعيات جائحة كوفيد-19 والأحداث في أوكرانيا.
  • وتبعاً لذلك، يتوقع أنه قد يحدث ركود طفيف، ولكنه لا يتوقع حدوث ركود كبير مثل تلك الذي حدث في العام 2008.





Source link