[ad_1]

إسلام آباد- في خطوة متوقعة، أعلن السياسي الباكستاني جيهانغير خان تارين تشكيل حزب جديد تحت اسم “استحكام باكستان” (استقرار باكستان) يتكون من أعضاء وقيادات بارزة انشقت عن حزب “إنصاف” الذي يقوده رئيس الوزراء السابق عمران خان.

ويأتي هذا الإعلان في الوقت الذي تمر فيه الساحة الباكستانية بمرحلة حرجة في تاريخها السياسي، وفي حين يشهد حزب إنصاف أيضا أزمة سياسية قد تؤدي إلى انهياره أو تعرضه لخسارة كبيرة على المستوى الشعبي.

عُمق الأزمة داخل حزب إنصاف تتضح معالمها من مدى مشاركة قادته السابقين في تشكيل الحزب الجديد، إذ كان جيهانغير خان تارين من أكثر المقربين لعمران خان، بالإضافة إلى عليم خان وعمران إسماعيل الذي عينه عمران خان سابقا حاكما لإقليم السند، إضافة إلى النائب الأول السابق لعمران خان في الحزب ووزير الإعلام السابق فؤاد تشودري.

حزب جديد بأهداف قديمة

يعتبر تارين شخصية بارزة في الحياة السياسية، وكان من أكبر الداعمين والمقربين لعمران خان، لكنه انشق عنه قبل إسقاط حكومة خان في أبريل/نيسان العام الماضي، وقد استغل تارين أحداث التاسع من مايو/أيار الماضي لتوسيع قاعدة دعمه من القادة والأعضاء المنشقين عن حزب إنصاف.

وشهدت باكستان اضطرابات في التاسع من مايو/أيار جراء اعتقال عمران خان، وأضرم محتجون النيران في مقار رسمية، وتعرضت منشآت عسكرية للضرر، وقد أدت هذه الأحداث إلى مقتل 9 أشخاص، واعتقلت السلطات 19 مسؤولا على الأقل في حزب إنصاف، بعضهم في مداهمات ليلية لأماكن إقامتهم، لاتهامهم بالتحريض على العنف.

خلال خطابه الأول الذي أعلن فيه عن الحزب الجديد، وعد تارين بأن يلعب حزبه في الصدارة لتخليص باكستان من “المستنقع الحالي”، وفق وصفه.

كذلك قال إن الحزب سيكشف عن أجندته الإصلاحية قريبا، مضيفا “من خلال تفويض الناخبين، سنحاول إدخال إصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية، وإن هدف الحزب تمثيل تطلعات الشباب، وحماية حقوق النساء والأقليات، وأن نصبح صوت من لا صوت لهم”.

وبالنظر إلى دوافع تأسيس الحزب في هذا الوقت، يرى الكاتب والمحلل السياسي امتياز جول أن الهدف من تأسيس هذا الحزب هو ضرب بنك التصويت لعمران خان.

ويضيف جول، في حديث للجزيرة نت، أن التجربة السياسية في باكستان تُظهر أن الضغط بالقوة للتقليل من شعبية حزب أو قائد معين لا ينجح، موضحا أنه لو أُخذ بعين الاعتبار -في الوقت الحالي- الاستطلاعات التي جرت خلال الفترة الماضية، فإن عمران خان لا يزال يحظى بشعبية كبيرة في الشارع الباكستاني.

من جهته، يقول الصحفي والمحلل السياسي شوكت براتشا إن الدافع وراء تأسيس هذا الحزب في هذا الوقت بالتحديد واضح، وهو بسبب أحداث التاسع من مايو/أيار، إذ أصبح من الواضح أن حزب إنصاف غير قادر على الاستمرارية بالمقارنة مع الفترة ما قبل الأحداث الأخيرة، وهذا دفع كثير من القيادات لترك الحزب والالتحاق بأحزاب أخرى.

ويتابع براتشا، في حديث للجزيرة نت، أن عديدا من القادة لم ينضموا إلى أحزاب أخرى قائمة بالفعل، بل فضلوا الانضمام إلى إطار سياسي آخر بقيادة تارين وعليم خان، اللذين كانا أصلا من أكبر الداعمين لحزب إنصاف سابقا، مؤكدا صعوبة استمرار حزب إنصاف لأن كثيرا من القادة سوف يستقيلون مع مرور الوقت.

شعبية منقسمة

في هذا السياق، يقول امتياز جول إن معظم القادة الذين انضموا للحزب الجديد، بعد انشقاقهم عن حزب إنصاف، يحظون بشعبية على المستوى المحلي في المناطق التي يترشحون فيها.

ويضيف، “لكن في الوقت الحالي، رغم الأزمة السياسية التي يمر فيها عمران خان، فإنه لا يزال يحظى بشعبية واسعة على مستوى باكستان، وحتى في حال عدم خوضه الانتخابات، فإن حزب إنصاف لا يزال يحظى بشعبية، لأن عمران خان لا يزال في قيادة الحزب”.

بينما يرى شوكت براتشا أن القيادات التي انشقت عن حزب إنصاف وانضمت لحزب “استحكام باكستان” يحظون بشعبية في مناطقهم، وهذا لا يقتصر فقط على إقليم البنجاب.

ويضيف براتشا أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار أن أغلبية المناطق في باكستان ليست حضرية، ولذلك فإن الشعبية في أغلب المناطق القروية تكون لرجل معين مهما كان حزبه، وهذا واضح في البنجاب.

ويتابع براتشا أنه في مناطق غير البنجاب، على سبيل المثال السند، نجد أن أشخاصا مثل عمران إسماعيل، وسيد علي زيدي، ومحمود مولفي، يحظون بشعبية كبيرة في كراتشي عاصمة السند، كما نجد جي جي جمال من إقليم خيبر بختونخوا يحظى أيضا بشعبية عالية، ولذلك يؤكد براتشا أن شعبية الحزب الجديد ليست فقط في البنجاب، بل في أقاليم أخرى أيضا.

دور الجيش

بمجرد الحديث عن تكوين حزب جديد من قادة حزب إنصاف المنشقين، ذهب البعض للقول بأن الجيش يقف وراء الحزب ويدعمه، وقد أكد ذلك عمران خان في خطاب سابق له، عندما قال إن الجهات السيادية في البلاد تعمل على تأسيس حزب وصفه بـ “حزب الملك” بهدف تقسيم شعبية حزب إنصاف.

وفي هذا السياق، يرى امتياز جول أنه من الصعب القول بأن الجيش يقف وراء تأسيس هذا الحزب، لأنه لا يوجد أي دليل واضح ومباشر على ذلك.

لكن جول يرى أنه بالنظر إلى الأحداث السابقة في التاسع من مايو/أيار يمكن الاستدلال بأن الجيش غاضب جدا، خاصة بسبب الهجوم على مقره في لاهور والإجراءات التي أعقبت ذلك بمعاقبة المتسببين في تلك الأحداث، مضيفا أن تلك الأحداث وتوتر علاقات حزب إنصاف مع الجيش قللت من خيارات الحزب للتحرك.

في حين يقول براتشا عند سؤاله عن دور الجيش، إن البعد الأهم في هذا السياق هو طبيعة علاقة قيادة الحزب مع الجيش، وهنا يمكن القول بأن تارين وعليم خان وغيرهما من القادة لم تكن علاقتهم سيئة مع الجيش في أي وقت.

ويضيف براتشا أن الأحزاب الكبرى الأخرى في باكستان، وهي حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية جناح نواز شريف وحزب الشعب الباكستاني، كانت على مسافة بعيدة من الجيش، لكنها الآن أصبحت أقرب إلى الجيش، بينما حزب إنصاف أصبح بعيدا جدا عن الجيش.

ويختم براتشا في هذا السياق بأن الدرس المستفاد من أحداث التاسع من مايو/أيار، الذي تعلمته جميع الأحزاب في باكستان، أنه لا يوجد حزب يقف ضد الجيش ويحرض ضده يمكن أن يستمر.

إجراءات قانونية

الإعلان عن تشكيل حزب جديد في باكستان تتبعه إجراءات قانونية ليصبح الحزب فاعلا على الساحة السياسية ويتنافس في الانتخابات العامة والإقليمية.

بموجب مرسوم الأحزاب السياسية لعام 2002، فإن الحزب يحتاج إلى تقديم نسخة مطبوعة من دستور الحزب، وبيان حساب باسم الحزب من أي بنك وقائمة بأسماء بعض المسؤولين عن هذا الحزب في لجنة الانتخابات الباكستانية.

يذكر أن جيهانغير خان تارين ممنوع قضائيا من ممارسة العمل السياسي العلني منذ عام 2017 حين أدين بتهم فساد، لكن مؤسس الحزب لا يشترط أن يكون رئيسه.



[ad_2]

Source link