[ad_1]

القاهرةـ باب لا ينفذ منه أحد إلا بسلطان، فالوظائف الحكومية في مصر توقفت بشكل شبه كامل منذ 9 أعوام، بدعوى التضخم الكبير في الجهاز الإداري للدولة، وارتفاع مصروفات الأجور وتأثيرها السلبي على الموازنة العامة رغم العجز الكبير في قطاعات حيوية مثل التعليم والصحة.

ويبدو أن الباب المغلق سيتم مواربته قليلا بإعلان الحكومة المصرية -على لسان وزير المالية محمد معيط خلال كلمة له أمام مجلس النواب- اعتزام الدولة توفير 70 ألف وظيفة حكومية في العديد من التخصصات خلال العام المالي المقبل 2024/2023 لسد العجز.

وخصصت الحكومة المصرية 3.7 مليارات جنيه، (الدولار يعادل 30.9 جنيها)، لتعيين 30 ألف معلم و30 ألف طبيب وصيدلي، بالإضافة إلى تعيين 10 آلاف موظف في مختلف قطاعات الدولة، بالإضافة إلى تخصيص نصف مليار جنيه لإجراء حركة ترقيات العاملين بالدولة.

وتراجعت حصة الأجور والمرتبات إلى 15% من حجم الموازنة العامة الجديدة بدلا من 25% في ميزانية السنوات السابقة، وتضمنت تخصيص 470 مليار جنيه للأجور للارتقاء بأحوال العاملين بالدولة.

ونجحت الحكومة في تقليل عدد الموظفين، وقبل سنوات وضع الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة خطط لتقليص الأعداد إلى 4 ملايين موظف مقابل نحو 6 ملايين ليصبح هناك موظف لكل 26 مواطنا بدلا من موظف لكل 13.5 مواطنا.

وفي فبراير/شباط 2016 قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن هناك 7 ملايين موظف لا تحتاج الحكومة منهم سوى مليون موظف، وألقى باللوم على ثورة 25 يناير/كانون الثاني عام 2011 في تعيين مليون موظف بسبب الضغوط الشعبية.

تعيين عبر “الكلية الحربية”

إجراءات التعيين والترقية في الحكومة هذه المرة تختلف عن سابقاتها بعد استحداث شرط غير مسبوق يُلزم الجميع بالحصول على دورة تأهيل في الأكاديمية العسكرية بالقاهرة مدة 6 أشهر.

ووفق موقع مدى مصر (مستقل) صدر خطاب دوري عن أمين عام مجلس الوزراء في نهاية أبريل/نيسان الماضي باعتبار شهادة التأهيل الصادرة من مركز إصدار الوثائق المؤمنة بعد الحصول على الدورة، ضمن مسوغات التعيين في جميع الوزارات والجهات التابعة لها.

وكشفت مصادر حكومية في وزارتي التخطيط والتربية والتعليم، لم تسمها، أن الكلية الحربية أصبحت منذ عدة أشهر صاحبة الكلمة الأولى في الترقيات والتعيينات داخل الجهاز الإداري للدولة.

وأكد مصدر بوزارة التربية والتعليم، أن اجتياز الدورة التأهيلية في الكلية الحربية “دبلومة القيادة التربوية والأمن القومي” أصبح هو الشرط الرئيسي للترقي في كل الوظائف داخل الوزارات، موضحا أن الحصول على تلك الدورة يسبقه كثير من الإجراءات والاختبارات.

وفي وقت لاحق، كشف وزير التربية والتعليم المصري رضا حجازي، عن منح عدد من المعلمين تدريبا شاملا بإقامة كاملة لمدة 6 أشهر ضمن المبادرة الرئاسية لاختيار ألف مدير مدرسة من المعلمين الشباب، على أن يتم منح من يجتاز منهم هذا البرنامج “دبلومة القيادة التربوية والأمن القومي”، بدون أن يوضح طبيعة تلك الدورة، لكنه اعتبرها ضرورية لاختيار “الأكفأ”، على حد قوله.

تجييش الموظفين

ووصف باحث عمالي الإجراءات الجديدة “بالبدعة”، وقال “إنها ليست موجودة ضمن مسوغات التعيين الرسمية في قانون الخدمة المدنية، وظهور الكلية الحربية ضمن شروط التوظيف والترقية من خلال الحصول على دورة تأهيل عسكرية لمدة 6 شهور، وأن تكون مكانا لإجراء المقابلات الشخصية ليس قانونيا”.

وأضاف الباحث (فضل عدم ذكر اسمه)، في حديثه للجزيرة نت، أن الهدف من هذه الشروط الجديدة ليس زيادة الوعي الأمني والوطني للموظفين الجدد “بقدر ما هو ضمان كتلة وظيفية مؤيدة للسلطة، وتجييش الموظف المدني”.

تحصين الموظفين

وفي سابقة من نوعها وفي مشهد غير معتاد، حضر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بداية من فبراير/شباط الماضي وحتى أبريل/نيسان الماضي أكثر من اختبار بالأكاديمية العسكرية لاختيار موظفين في وزارة النقل والتربية والتعليم بحضور وزير الدفاع وعدد من القادة العسكريين والوزراء المدنيين المعنيين.

وفي رده على ما قد يثار حول عسكرة القطاعات المدنية باتباع هذه الآلية الجديدة، قال وزير النقل الفريق كامل الوزير “أهلا وسهلا بالعسكرة لو أن اختيار الموظفين سيكون وفق هذه الطريقة”، مستطردا “ما العيب في أن نُعلم المتقدمين الأمن لكي نحميهم ونحصنهم وبالتالي نحصن قطاع السكة الحديد من شرورهم”.

وتتضمن تلك الاختبارات المشابهة لاختبارات الكليات العسكرية، وفق الوزير، إجراء اختبارات فنية، وفي مرحلة تالية اختبارات طبية ونفسية في الكلية الحربية، وبعد ذلك الحصول على دورة تدريبية لمدة 6 أشهر في كلية التكنولوجيا العسكرية، لضمان ثقل خبراتهم على مستويات عدة مثل التكنولوجيا والأمن القومي.

رؤية الدولة

إضافة إلى ما سبق يتم إجراء التحريات الأمنية من قبل أجهزة المخابرات والأمن الوطني حول هؤلاء المتقدمين، “مما يضمن أن يكون الموظف منتميا لمصر وليس لأي جهة أخرى”، وفقا للإعلامي المصري أحمد موسى المقرب من الأجهزة الأمنية.

وعقب تخريج إحدى الدفعات من الأكاديمية العسكرية في فبراير/شباط الماضي، أكد وزير النقل المصري على أهمية تلك الدورات “التي تأتي في إطار رؤية الدولة المصرية من أجل خلق أجيال جديدة من أبناء مصر القادرين على العمل، وفقا لأعلى معايير الانضباط الذاتي والمستوى العلمي الراقي لخدمة الوطن بمختلف المجالات”.

في المقابل، اعتبر النائب العمالي السابق طارق مرسي، أن إلزام المتقدمين إلى وظائف مدنية أو ترقيات جديدة في القطاعات المدنية بالحصول على دورات في الكلية الحربية هو سابقة في تاريخ التعيين والترقية في مصر، ولا ينص عليها قانون الخدمة المدنية، ويتجاوز دور المشرعين في مجلس النواب.

وأكد في تصريحات للجزيرة نت، أنه ليس من مهام الأكاديمية العسكرية ولا الكلية الحربية ولا أي جهة عسكرية منح رخص للعاملين المدنيين.

وتساءل “لماذا أصبحت الكلية الحربية والمؤسسات العسكرية كما لو كانت مجلس تشخيص مصلحة النظام وأصبحت هي من تعطي صك الوطنية، والمواطن يظل محل شك في وطنيته وانتمائه حتى يأخذ صك البراءة بعد حضور دورة التأهيل العسكرية”.

سد العجز

ورغم الشرط الجديد في إجراءات التعيين، فإن إعلان الحكومة المصرية تعيين 70 ألف موظف من شأنه أن يخفف حدة أزمة النقص الكبير في بعض التخصصات التي تتعلق بقطاعات مهمة مثل التعليم والصحة.

وكانت الحكومة المصرية قد قررت مؤخرا خرق توجهاتها الصارمة بمنع التعيين الحكومي، ووضعت خطة “خمسية” لسد العجز الهائل الذي يقدر بنحو 324 ألف معلم أو 30%، في أعداد المعلمين.

كما يعاني قطاع الصحة من تراجع أعداد الأطباء، وقدّر النائب فريد البياضي عدد العاملين في مستشفيات وزارة الصحة وفي المستشفيات الجامعية الحكومية والخاصة والتابعة لجامعة الأزهر بحوالي 82 ألف طبيب ومن المفترض أن يكونوا أكثر من 200 ألف طبيب، وبنسبة عجز أكثر من 50% من القوة الأساسية للأطباء في مصر.

وبلغ عدد الأطباء الحاصلين على ترخيص مزاولة المهنة نحو 212 ألفا و835 طبيبا بجميع قطاعات الصحة، يعمل منهم 82 ألفا فحسب بالقطاع العام والخاص أي نحو 38% من عدد الأطباء المسجلين فحسب يعملون بالقطاع الصحي.



[ad_2]

Source link